تعتبر شخصية الإنسان مكونة من خليط معقد مكوناته تحتوي علي عدة أبعاد عقلية وعضوية وإنفعالية ونفسية، والتي تؤثر بدورها علي مشاعر الفرد وسلوكياته، لذا المرض النفسي منتشر بصورة كبيرة في جميع المجتمعات، كما أن وجود المريض النفسي في العائلة يؤثر عليها بالسلب، ومن هنا نهتم بنشر معلومات في هذه المقالة عن المرض النفسي وكيفية الوقاية منه.
بعض المعتقدات الخاطئة عن المرض النفسي وكيفية الوقاية منه
ارتبط الأمراض النفسية بالجنون والتخلف العقلي مما أدي إلي الخجل والتردد للذهاب إلي الطبيب النفسي أو الإمتناع في الإقدام إليه للعلاج مما يزيد من استفحال اعراض المرض النفسي ويجعل من الصعب علاجه ويحتاج إلي وقت أطول، ولعل عزل المريض النفسي بالمصحة أو بالمستشفيات الخاصة يعزز من النظرة السلبية والمعتقدات الخاطئة تجاه المرض النفسي.
ما معني الوقاية من الأمراض النفسية؟
المقصود بالوقاية من الأمراض النفسية هو التقليل من إنتشار الاضطرابات والأمراض النفسية، وتوفيرالوقت الذي ينفق في علاج الأعراض النفسية المرضية، بالإضافة إلي خفض أثر المرض علي الشخص المريض وتحسين العوامل التي تصاحب تعزيز الصحة النفسية.
بعض التصرفات التي تدل علي الإصابة بالمرض النفسي:
تظهر بعض الإشارات والسلوكيات علي المريض والتي يلاحظها المقربون منه، وتدل علي إصابة الشخص بمرض نفسي منها محاولة الإنتحار، أو محاولة إيذاء نفسه، العزلة عن المجتمع، بعض الهلاوس السمعية والبصرية والذهنية، صعوبة التركيز أو إتخاذ قرار في المواقف الهامة، النسيان والعنف لأتفه الأسباب، تقلبات المزاج، اضطرابات في النوم وفقدان الشهية، فقدان الإهتمام بالأنشطة اليومية والهوايات المفضلة.
وهنا يمكن تشخيص المرض النفسي عند الطبيب النفسي المختص الذي يجري عدة جلسات وعقد عدة إختبارات ومعرفة تاريخ الإصابة بالمرض النفسي وهل له علاقة بتاريخ مرضي للعائلة حتي يمكن تشخيص المرض النفسي بشكل صحيح ووضع خطة علاجية التي تتم من خلال عدة جلسات نفسية أو العلاج بالعقاقير الطبية.
بعض المعتقدات الخاطئة عن المرض النفسي:
1- من ناحية الأدوية الخاصة للعلاج من المرض النفسي:
هناك بعض المعتقدات الخاطئة عن الأدوية المرتبطة بالعلاج من المرض النفسي كنوع من المخدرات وستؤدي إلي الإدمان، ويأتي هذا الإعتقاد بسبب:
- حدوث بعض الآثار الجانبية من نعاس وخمول وهي نفس الأعراض التي تصاحب إدمان المخدرات.
- إشتراط بعض قرآة القرآن بإمتناع المريض من تناول الأدوية النفسية الخاصة في علاجه، ذلك لاعتقادهم بإنها مخدرات تحبس الجن وتمنع تأثير القرآن علي علاجه.
- تصرف الأدوية النفسية بإظهار البطاقة الشخصية للمريض وتوقيعه بالإستلام علي ظهر الروشتة الطبية.
- يتوقف بعض المرضي النفسيين عن تناول الأدوية بعد تحسن حالته الصحية والنفسية وتحدث له إنتكاسة مما يظن سبب هذه الإنتكاسة هو بسبب إدمانه للأدوية.
- مساهمة بعض الأطباء الغير نفسيين في ترسيخ هذه المعلومة الخاطئة.
- إنتشار بعض الأمراض النفسية بين مدمني المخدرات.
- الاعتقاد أن المرض النفسي لا علاج له، واتجاه بعض أفراد الأسرة بتجنب المريض النفسي بمجرد خضوعه للعلاج النفسي، إعتقاداً منهم بإنه لن يشفي أبداً، وهذا الإعتقاد خاطئ لأن المرض النفسي كالمرض العضوي الذي يأخذ وقت لعلاجه ويتحسن بمرور الوقت تدريجياً إلي أن يشفي تماماً ويستطيع ممارسة حياته الطبيعية.
- الصورة المأخوذة عن المرضي النفسيين بإنهم أكثر الأفراد خطورة في المجتمع، ويرجع ذلك إلي ارتباك المريض المصاحب لسلوك شاذ غريب، ويعزز تلك النظرة السلبية للمريض النفسي إلي تأثير وسائل الإعلام التي تصف المرضي النفسيين بالعنف والخطورة.
2- المرض النفسي يصيب الكبار فقط:
هذه العبارة خاطئة فالمرض النفسي يصيب الكبار والصغار أيضاً، فالطفل الصغير من الممكن أن يصاب ببعض الاضطرابات السلوكية والإنفعالية والنمائية.
- وهناك بعض الصفات التي تميز الطفل الذي يعاني من الاضطرابات عن الطفل الطبيعي منها:
- غالباً مايعاني الطفل المضطرب من إنخفاض في مستوي الفهم لذاته وتقديره لنفسه.
- قد لا يلاحظ وجود الاضطراب إلا عند الإلتحاق بالمدرسة.
- يفضل الطفل المضطرب الدروس العملية عن الدروس النظرية ويتفاعل معها.
- مظهر الطفل المضطرب لايختلف عن مظهر أي طفل طبيعي بالمدرسة.
- يعاني الطفل المضطرب من خلل في التواصل الإجتماعي والتفاعل داخل الصف، والتواصل مع زملائه.
3- يعتبر العلاج بالصدمات الكهربائية عقاب للمريض ذو السلوك العدواني:
- هناك إعتقاد أن العلاج بالصدمات الكهربائية هو علاج قاس وضار نفسياً وذو خطورة بدنية علي المريض النفسي، ويعتقد الآخرون أن العلاج بالصدمات الكهربائية يخلف للمريض حالة من الغيبوبة، او يتلف عدد هائل من خلايا المخ، والشعور بالغثيان والرغبة في التقيؤ( والذي يمكن التغلب عليه بإستخدام بعض الأدوية)، كما يري البعض بإنه علاج مؤلم وغير آمن.
- في الحقيقة أن العلاج بالصدمات الكهربائية أحدث في بادئ الأمر بعض الإشكالات ظهرت في شكل تشنجات عنيفة وبعض الحالات من كسور بالعظام وتحطم بالأسنان والموت في بعض الأحيان، لكن هذا لاينطبق في العقود الأخيرة والذي أصبح إستخدام هذا الأسلوب في العلاج آمن ولا يستخدم لاخضاع المريض الذي يصعب السيطرة عليه.
- لاتتعدي خطورة العلاج بالصدمات الكهربائية خطورة أي عملية جراحية بسيطة، إذ تقدر وفيات العلاج بالصدمات الكهربائية حوالي حالتين لكل مائة ألف حالة.
- بل يستخدم العلاج بالصدمات الكهربائية كنوع من العلاج الطبيعي الذي يخضع له المريض وهو مخدر كلياً وفي بعض الأحيان تستخدم مادة الأتروبين لمنع سيلان اللعاب، ويمر التيار الكهربي عبر الدماغ لتغيير نشاط المخ ، وغالباً مايستخدم هذا العلاج في حالة الإكتئاب والهوس والفصام.
- كما يستخدم في حالات الذي يخفق فيها العلاج الدوائي للمريض.
دور الأسرة في الوقاية من الاضطرابات النفسية:
- غرس القيم الدينية والإجتماعية في نفوس الأبناء.
- مشاركة الوالدين في تحمل مسؤولية رعاية الأبناء، وغرس قيمة التعاون بين أفراد الأسرة.
- خلق جو أسري يسوده الحب والدفء في المنزل.
- عدم التفرقة بين الأبناء في المعاملة.
- تشجيع الأبناء علي ممارسة الرياضة والهوايات المفضلة لديهم.
- تنمية مهارة التواصل والحوار بين الأباء والأبناء وبين الأخوة لتجنب توتر العلاقات الأسرية والوصول لحل المشاكل بين أفراد الأسرة.
- مشاركة الأطفال في اللعب معهم، وتخصيص وقت للترفيه معهم وتجنب الإنعزال والوحدة.
- تنمية ثقة الطفل بنفسه، والاعتماد علي نفسه.
- توفير الغذاء الصحي والسليم لصحة الأطفال.
- تجنب المشاحنات الزوجية وخلق جو من التوتر والترقب الذي يبعث الشعور بالقلق وعدم الاحساس بالأمان، والإسراع في حل مشاكلهم بهدوء وحكمة.
- تجنب التدليل الزائد أو القسوة الزائدة في معاملة الأبناء.
- مناقشة الأبناء في مشاكلهم وتوجيههم للطريق الصحيح لحل المشاكل مع ترك حرية إتخاذ القرار للأبناء مع تحمل مسؤوليته.
- عدم تحمل الطفل لمسؤولية فوق طاقته.
- الاهتمام بالأبناء في مرحلة المراهقة ورعايته ومراقبة سلوكه وإختياره لأصدقائه.
- ليكون الأباء قدوة للأبناء في سلوكهم و سيطرتهم علي إنفعالاتهم.
- طرح الفرصة الكاملة للطفل للتعبير عن مشاعره وأفكاره ومناقشة مشاكله.
- عدم السخرية من الأبناء أمام الأصدقاء والأقارب.
- إحترام الآخرين وحقوقهم وغرس القيم الأخلاقية المرغوب بها في المجتمع.
- التعاطف ورعاية كبار السن.
- تجنب مشاهدة الأفلام التي تحتوي علي مشاهد العنف للأبناء.
مواضيع ذات صلة:
جهود بعض الدول الغربية للوقاية من المرض النفسي:
وتتبع بعض الدول المتقدمة مشروعات تدعم الوقاية من المرض النفسي مثل مشروع الصحة الذكية في إيطاليا، والذي يهتم بنشر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تحتوي علي أدوات المراقبة الذاتية للوقاية من الاضطرابات العقلية ومرض الزهايمر، بإتباع بعض الطرق مثل: