القائمة الرئيسية

الصفحات

ما أسباب التفكيرفي الإنتحار، وعلاج حالات الإنتحار

 لاشك أن فكرة الإنتحار والتي تؤدي إلي الموت هي مأساة نعيشها كل يوم، فالمنتحر غالباً مايصل به الأمر إلي إنه عاجز عن رؤية أي بصيص أمل في حل لمشكلته، وان الحل الوحيد للتخلص من تلك المشاكل هو الإنتحار والموت، وهي ظاهرة بشرية تحدث في جميع المجتمعات وقد تحدث رغماً عن الأسرة أو المجتمع أو رغماً عن المنتحر نفسه، فقد إنتحر الكثير من مختلف المجتمعات والمكانة الإجتماعية.. فهم بشر يشعرون ويتألمون وتختلف ردود أفعالهم، إلا إن كل المنتحرين يجمعهم شيء واحد وهو مرورهم بتجربة مؤلمة دمرت كل أحلامهم وآمالهم في الحياة.

                     ما أسباب التفكيرفي الإنتحار، وعلاج حالات الإنتحار               

                                
ما أسباب التفكيرفي الإنتحار، وعلاج حالات الإنتحار



تعتبر حالات الإنتحار مشكلة فردية تنطوي علي دوافع داخلية تدفع الشخص للتخلص من حياته وإنهائها، وغالباً ماترتبط حالة الإنتحار بالشعور بالحزن والإكتئاب واليأس من الحياة والمعاناة من مشكلة ما يأس من الوصول لحل لها، وهي مشكلة تؤثر علي المجتمع وخاصة بعد إنتشار حالات الإنتحار في الآونة الأخيرة نتيجة للظروف التي يمر بها الفرد من مشاكل إقتصادية وإجتماعية.

فسر عالم الإجتماع الكبير"أميل دوركايم" ظاهرة الإنتحار إلي ثلاث أنواع:

النوع الأول يتمثل في الإنتحار الأناني نتيجة لمبالغة الشخص في تقديره لنفسه، مثلما يعيش أحد الأفراد منعزلاً عن المجتمع.
النوع الثاني يتمثل في الإنتحار الإثياري أي الإنتحار من أجل المجتمع، مثلما كان يفعل الياباني عندما يقدم علي فعل غير قانوني فإنه ينتحر بالسيف إرضاءاً للمجتمع.
النوع الثالث يتمثل في الإنتحار الذي ينطوي علي التفكك الإجتماعي نتيجة لخلل في المجتمع، مثلما يفقد أحد الموظفين عمله، أوبسبب موت أحد أحبائه.

وعامة يجب أخذ مسألة محاولات الإنتحار بمنهي الحذر الشديد، فكلما أعطي المنتحر تحذيره بالإنتحار، ومع إنه غير راضً عن الإنتحار بل تعتبر صرخة للمساعدة وقد فسر أحد العلماء بأن المنتحر نفسه يستخدم تلك الصرخة للتواصل مع الذات ومع الآخرين، وهو مستعد للإنتحار إذا ظهرت بعض العلامات الدالة علي ذلك منها:

- يوجد موقف وراءه مأساة يعيش فيها المقبل علي الإنتحار، مثل فقدان أحد أحبائه أوإنفصاله عن زوجته وأسرته، وقد حاول الإنتحار بعد مروره بهذا الموقف.

- غالباً مايمر المنتحر بتجربة سابقة للإنتحار بغض النظر علي عدم نجاحها.

- المنتحر ليس لديه تقلبات مزاجية.

- وجود أسلوب جاهز للإنتحار.

وتميل النساء إلي إستخدام الأقراص المنومة، قطع شريان اليد، القفز من الأماكن المرتفعة، إستنشاق غازات سامة، بينما يميل الرجال إلي إستخدام أسلوب الشنق، او إستخدام المسدس، تعمد فعل حادثة بالسيارة.

أهم أسباب التفكير في الإنتحار:

1- ضعف الوازع الديني:

ضعف الوازع الدين من أهم أسباب التفكير في الإنتحارخاصةالأشخاص الذين لا يهتمون بأداء فروضهم الدينية.

2- المشاكل الأسرية:

الأسرة هي نواة المجتمع، وهي المؤسسة الأولي التي تؤثر في تكوين شخصية الفرد وسلوكه وأخلاقه وغرس العادات والتقاليد الإجتماعية والثقافية، لذلك فإن الأسرة دوركبير في شعور افرادها بالإستقرار والسلام النفسي وهي البوابة الأولي إن صلحت صلح المجتمع كله، لذلك تؤثر المشاكل الأسرية بدرجة كبيرة في تفكير الفرد علي الإنتحار، وتتمثل تلك المشاكل في حالات الطلاق والهجر والعنف الأسري، المعاملة القاسية مع الأبناء.

3- الحالة  الصحية للفرد:

حالة الفرد الصحية من أهم دوافع التفكير بالإنتحار، فمن الممكن أن يحاول المريض بإيذاء نفسه أو إيذاء الآخرين، وتتمثل الحالات المرضية تلك في الأمراض النفسية والعقلية التي يعاني منها المريض مع ظروف الحياة الصعبة التي يعيشها المريض، كذلك حالات الإكتئاب وتقليل تقدير الذات يزيدان من حالات الإنتحار، والشعور بالوحدة والإنعزال عن المجتمع وتصور والتفكير بالإنتحار، كما أن هناك بعض حالات الإنتحار بسبب الإصابة ببعض الأمراض العضوية التي يأس المريض من الشفاء منها مثل حالات الإصابة بأمراض السرطان والكبد والقلب، هذا إلي جانب المشاكل العاطفية والصدمات النفسية التي تدفع الفرد للتفكير بالإنتحار.

4- الظروف الإقتصادية:

تتمثل الظروف الإقتصادية في الأزمات المالية والضائقة المالية التي تتضح من خلال زيادة إحتياجات الفرد مع قلة دخل الفرد، فالأب الذي لا يستطيع توفير متطلبات الأسرة وحاجاتها الأساسية والضرورية لأطفاله وشعوره بالعجز يؤدي إلي الشعور بالكراهية والعنف الأسري لإنهم من أسباب الشعور بالعجز، فالضغوط الإقتصادية (الفقر) والأسرية تؤدي إلي الشعور باليأس والإحباط والأفكار الإنتحارية.


مواضيع ذات صلة:

الفرق بين المهدئات والمنومات، وأعراض إدمان المنومات.

المريض النفسي والهلاوس السمعية والبصرية.

ماذا تعلم عن الشخصية المصابة بالبارنويا وأنواعه.

الشعور بالذنب ذلك الصوت الخفي، أنواعه وعلاجه


كيفية الوقاية وعلاج حالات الإنتحار:

هناك بعض حالات الإنتحار تحدث بسبب الأمراض المزمنة والمؤلمة التي يعاني منها المريض إلي جانب شعور اليأس والإحباط من الشفاء منها، ولذلك نقول إن تأثير الكلمة الطيبة قوية علي نفوس المرضي النفسيين والمرضي العقلين، فكم من الأدوية والعقاقير الطيبة لم تستطع شفاء المرضي شفاءاً تاماً، فلا تزال الكلمة لها التأثر والقوة العلاجية للشفاء من تلك الأمراض، وكثيراً ما نلاحظ قوة الكلمة في شفاء الحزين والمكتئب في كثير من الأحيان، وبالتأكيد فإن الكلمة لها قوة تأثير لمن يفكر في الإقدام علي الإنتحار فهي تستطيع أن تقنع الفرد يوماً بعد يوم بالإمتناع عن أفكاره الإنتحارية.

وهناك بعض الأساليب التي يمكن إتباعها للوقاية من خطورة الإنتحار منها:

1- تعليم الطفل تحمل الإحباط:

الإحباط يمنع الفرد للقيام بأي مجهود للوصول إلي أهدافه، وللإحباط صور متعددة منها:
- تأجيل القيام بالأعمال.
- يتم منع الرغبة والأعمال نهائياً.
- يتم إستبدال الرغبة برغبات بديلة عنها.
- قمع الرغبة بمجرد أن الطفل فكر بها.
وتلك الصور للإحباط تخلق نوعاً من التوتر والضيق، فعندما يواجه الطفل الإحباط فإنه يؤثر علي شهيته للطعام ويمتنع عنه، أو يذهب إلي النوم أو يلجأ إلي البكاء، وقد تنتابه نوبة من الغضب الشديد والتي يحاول فيها الطفل تحطيم ما أمامه، وقدتظهر بعض ردود الأفعال السلبية مثل التبول اللإرادي في الفراش ليلاً، أو أعراض نفسية مختلفة، أحلام مزعجة والشعور بالخوف.
ان أكثر مايصيب الطفل بالإحباط هو جهله عن الأسباب التي أدت إلي رفض الوالدين في تحقيق رغباته، ويكمن حل تلك المشكلة في خطوة بسيطة تتمثل في شرح الوالدين للطفل ماهي أسباب الرفض والعقبات والموانع التي تحول تحقيق رغبته، وبذلك يشعر الطفل بإنهم مثل باقي البشر بأن ليس كل مايتمناه المرء يتحقق، ويوجه الطفل بالنظر إلي الأمور بواقعية، وعلي الوالدين بعد ذلك شرح للطفل مدي حبهم وإحترامهم له.
                                                
ما أسباب التفكيرفي الإنتحار، وعلاج حالات الإنتحار

2- تعليم الطفل المعني الحقيقي للشعور بالذنب:

الشعور بالذنب يرجع إلي طريقة التربية للأبناء عن طريق معاقبة الطفل علي خطأه بالضرب والتوبيخ، فهم يربطون بين الخطأ وعجزه عن إصلاح نفسه، عن طريق إخبار الطفل لو لم تكن أخطأت لما حدثت تلك الحادثة أوالمشكلة للأسرة، ويبدأ الطفل الشعور بأنه تسبب في تلك المشكلة، وتستمر تلك الوسيلة في التعامل مع أخطاء الطفل وتأنيبه إلي أن يصل الأمر بأن الطفل يفكر بأن لا يجب أن يولد أو يعيش مع أسرته إلي أن يقدم علي الإنتحار!
وفي الحقيقة أن الشعور بالذنب ليس هو فقط دافع قوي للإنتحار بل يؤدي أيضاً لبعض الأمراض النفسية مثل البارانويا والتي يتوهم فيها المريض بشكل أو بآخر بإنه السبب في جميع مشاكل الناس وأمراضهم، وهوغافل بإنه وقع فريسة لذلك المرض.

3- تعليم الطفل معني الحقوق والواجبات:

الطفل يعتبر أناني بحكم إنعدام حيلته، فهو لا يدرك مشاعر الآخرين من آلام وحزن، وكل مايريده هو إشباع رغباته ويعتبر أي تأخير في تحقيق رغباته هو سلوك عدواني من الآخرين، لذلك علي الوالدين تعليم الطفل حسب سنه وبطريقة تدريجية علي إحترام حقوق الآخرين وحاجاتهم، وإن إحترام الطفل لحقوقه يؤهله للشعور بكرامته والإعتزاز بها، وأن عليه واجبات إنسانية وأخلاقية وإجتماعية تجاه المجتمع من حوله ولأسرته أيضاً.

4- مقاومة التوتر:

يلجأ الكثير من الناس إلي مقاومة التوتر بسلوكيات خاطئة مثل التدخين بشراهة وشرب الخمر،والإسراف في تناول المهدئات والمنومات وهم يجهلون إنه طريق يؤدي إلي الإصابة بأمراض آخري، وفي الواقع هناك وسائل آخري تقضي علي الشعور بالتوتر منها:
- ممارسة الرياضة البدنية.
- تعرف علي مدي قدرتك في إنجازك لبعض المهام وفي الوقت المتاح لك.
- رتب أولوياتك للمهام التي تريد إنجازها.
- تعلم كيفية الإسترخاء بدون الإستعانة بالمهدئات والعقاقير.
- إطلب مساعدة الإصدقاء.

5- مقاومة الشعور باليأس والإحباط من الشفاء من الأمراض:

كل مرض وله دواء وشفاء، وليسهناك مرض غير قابل للشفاء إلا أن هناك بعض الأفراد لايمكنهم الشفاء، الحب هو القادر بمعجزة في الشفاء من الأمراض، فالأشخاص القادرين علي الحب ولديهم الأمل في الحياة يستطيعون إرسال رسالة إلي أجسادهم بأن تعيش، فالحب لذاتنا ينبع من إحترامنا لأنفسنا ولا ينبع من النرجسية، وهو أهم عنصر يجب علي المريض أن يصل إليه ليصبح مريض عادي أي يرفض أن يكون ضحية للمرض ويشترك مع الطبيب في مقاومة المرض.

المراجع:
الإكتئاب والإنتحار، دراسة إجتماعية تحليلية(1990) ، عبد الحكيم العفيفي، الدار المصرية اللبنانية للنشر والتوزيع، القاهرة.


تعليقات

التنقل السريع