إن ظاهرة العمالة المنزلية لها سماتها وخصائصها الفريدة، فمنذ القدم كانت العمالة المنزلية مقصورة علي فئة معينة من المجتمع، تتميز بخصائص إجتماعية وإقتصادية محددة، كما كانت تقتصر علي طبقة معينة من المجتمع وبعد إكتشاف النفط في الدول العربية، شهد المجتمع الخليجي طفرة إجتماعية إقتصادية كبيرة مع تنمية شاملة في كافة القطاعات، ومع إنتشار تعليم المرأة وإتساع مجال العمل لها، أدي إلي تزايد الحاجة للعمالة المنزلية... وإستقدام أعداد كبيرة للعمل في مجال الأعمال المنزلية.
الآثار الناتجة من إنتشار العمالة المنزلية في الوطن العربي
أولاً: الآثار الإيجابية للعمالة المنزلية:
ومن اهم الإيجابيات:
1- تخفيف معاناة أرباب الأسر ومساعدتها للتفرغ لأعمالها الهامة.
2- رعاية الأبناء في غياب الأم العاملة، مما إستلزم إستقدام عمالة نسائية لخدمة المرأة وأسرتها نظراً للعادات والتقاليد الإسلامية والتي تعتمد علي الفصل التام بين الذكور والإناث.
3- توفير وقت كاف للزوجة للإهتمام بنفسها وبزوجها، ففي مجتمعنا الشرقي المرأة دائمة الإنشغال بالأولاد ورعايتهم، بالإضافة إلي الأعباء المنزلية والمجهود الشاق الذي تبذله المرأة العربية لرعاية أسرتها والذي ينعكس علي علاقتها بزوجها وإنشغالها عنه.
4- توفير فرص عمل للمرأة مما يدعم شخصيتها وإتاحة الفرصة للتعبير عن ذاتها وتحمل المسؤولية.
5- مساعدة الزوجة المريضة والتي لا تستطيع القيام بأعباء المنزل، وكذلك خدمة كبار السن والمسنين ورعاية المعوقين الذين يحتاجون إلي رعاية علي مدي ساعات طويلة يومياً.
6- وجود سائق للأسرة في كثير من الأحيان والذي يخفف الكثير من الأعباء عن الأسرة من شراء مستلزمات المنزل وتلبية إحتياجات
الأسرة بأكملها.
7- نقل بعض الخبرات الأجنبية للمجتمع العربي في مجال تنسيق المنزل والتمريض والنظافة... وغيرها من الخبرات التي يمكن الإستفادة منها في حدود مايناسب مجتمعنا الشرقي.
8- تأثير الكثير من الخدم (الغير مسلمين) بقيم وأخلاق الدين الإسلامي ودخول الكثير منهم في الإسلام.
ثانياً: الآثار السلبية لظاهرة العمالة المنزلية:
في الكثير من الأحيان تختلف العمالة في العادات والتقاليد واللغة والدين مما يمثل ظاهرة سلبية علي المجتمع العربي، وتتلخص أهم الآثار السلبية للعمالة المنزلية في:
1- تأثير العمالة علي النشئ:
إن وجود الخدم ومشاركتهم في عملية التربية للنشئ يؤثر سلبياً علي التنشئة الإجتماعية للأبناء منها:
(ا) التأثير علي اللغة:
من الطبيعي أن يتكلم الفرد بلغة اسرته وبلهجة والديه وطريقتهما في الكلام، لكن الخادمات أثر سلبي واضح من الناحية اللغوية علي معظم أفراد الأسرة التي تأثرت بالمفردات والمصطلحات التي ترددها المربية (الخادمة) مما تشكل خطورة كبيرة من الناحية للغوية، فقد نجد بعض أفراد الأسرة يتحدث بلغة عربية غريبة محاولة منهم للتفاهم والتحدث مع الخادمات، مما أدخل مفردات وتركيبات لغوية في تعابيرهم.
(ب) الآثار الدينية:
إن وجود العمالة المنزلية من غير المسلمين لها تأثيرقوي في زعزعة المفاهيم الدينية لدي الأطفال، نظراً لقيام البعض من المربيات بالتشكيك وتشويه سماحة الإسلام سواء عن جهل الأم أم عن عمد، فكيف للمربية غير المسلمة أن تقوم بتربية الطفل تربية إسلامية صحيحة.
(ج) تأثير الخادمة علي نفسية الطفل:
من الطبيعي أن تتأثر نفسية الطفل وإنفعالاته بمدي صلته بالأم والأب خاصة إذا كانت تلك الصلة قوية قائمة علي الحب والحنان والعطف، لذلك فوجود الطفل الدائم مع الخادمة قد يؤثر علي شخصيته بدرجة كبيرة، مما يزيد من أنانيته ويصبح شخص سلبي غير متفاعل إجتماعياً، وترك الأم لطفلها مع الخادمة لوقت طويل يجعل الطفل كثير التعلق بالخادمة ويستغني عن أمه بطريقة غير مباشرة.
يمكنك قراءة أيضاً:
2- تأثير العمالة علي الأسرة:
الأسرة هي النواة الأولي في المجتمع، ولا يقوم المجتمع ولا يتطور بدون الأسرة، لذلك وجود غرباء داخل الأسرة يؤثر بدرجة كبيرة علي تماسك الأسرة، وتفاعلها مع المجتمع الخارجي، فكلما كان ترابط الأسرة قوي كلما كان تفاعل الأسرة مع المجتمع الخارجي أكثر تفاعلاً وإيجابية مع المجتمع، ومن أهم المؤثرات التي تؤثر علي الأسرة هو وجود غرباء داخل الأسرة يقيمون معها ويتفاعلون مع أفراد الأسرة... وسنستعرض أهم الآثار السلبية الناتجة عن وجود العمالة المنزلية داخل الأسرة:
(ا) تأثير العمالة المنزلية علي علاقة أفراد الأسرة ببعضها:
لوجود الخدم داخل الأسرة قد يحرم أفراد الأسرة من الشعور بلذة تحمل المسؤولية ومعني المشاركة والتعاون الذي ينتج عنه نوع من التفاعل الذي تحتاجه الأسرة لتحقيق تماسك قوي بين افراد الأسرة، هذا إلي جانب مشاركة الزوجين في بعض الأعمال المنزلية والتي تعطي المرأة الشعور بإهتمام زوجها بها، وخلق نوع من المحبة والألفة بينهما، وغياب ذلك يضعف العلاقات الأسرية.
(ب) الإنحرافات السلوكية:
هناك الكثير من المشاكل السلوكية التي تحدث بسبب وجود العمالة المنزلية ويرجع ذلك إلي الفهم الخاطئ للخدم ومعاملتهم علي إنهم عبيد مما ينتج عن ذلك علاقات غير شرعية التي تدمر الأسرة وتؤثر بالسلب علي قيم وإتجاهات الأسرة.
(ج) تأثير عمالة المنزلية علي صحة الأسرة:
تأتي العمالة المنزلية من بيئات مختلفة التي تختلف عن البيئة العربية والإسلامية، فغالباً ما تأتي الخادمة من بيئة فقيرة ذات مستوي صحي ضعيف، لدرجة أن العمالة المنزلية وخاصة الخدم ينقصها الوعي الصحي في التعامل مع الأطفال، وقد تجمل الخادمة بعض الأمراض الخطيرة من بيئتها والتي تؤثر بدورها علي أفراد الأسرة ونقل بعض الأمراض نتيجة الإختلاط .
3- تأثير العمالة علي المجتمع:
(أ) تشويه صورة دول الخليج خارجياً: حيث شيع في الفترة الأخيرة أن بعض الدول المستقبلة للعمالة يتم فيها إنتهاك حقوق العمالة المنزلية، وهذه الصورة غير صحيحة ولا يمكن تعميمها وتؤدي في النهاية إلي تشويه صورة البلاد.
(ب) البطالة لعمالة أهل البلد: فإذا إعتمدت الدولة علي توظيف عمالة خارجية سيؤدي ذلك علي إنتشار البطالة داخل البلاد.
(ج) مستقبل الوافد: نظراً لوجود الوافد لفترة طويلة بالبلاد من الممكن أن يطالب الوافد بحقوق مثله مثل المواطن الأصلي، وإذا اعترفت بها المنظمات الحقوقية سيؤدي إلي سيطرة أي جنسية أجنبية علي البلاد.
أهم المراجع:
أسماء سمير عبد العزيز عثمان، آثار العمالة المنزلية علي النشء والأسرة، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الإدارة العامة لمح البحوث، 2008.
تعليقات
إرسال تعليق